لتربية معناها فهم الطفل
إن الكلام الغير اللائق الذي يربي به الاباء ابناءهم يجعلهم يضرون من حيث لا يحتسبون ،انهم يجهلون اثر الخطر الذي يتركه الكلام الموجع على شخصية الطفل وما يصيبها من جراء كلامهم الجارح ،ينبغي ان يزنوا الفاظهم ويرسلونها في حذر ...وطريقهم في ذلك هو طريق الطبيب الجراح اثناء احدى العمليات .
ماذا يفعل الطفل امام اب يجرح شعوره وهو يظن انه يفعل ذلك في صالح ابنه ؟ طبعا لاشيء ....ولكن هذا الطفل سوف يجد نفسه يوما بعد يوم امام مشاكل عويصة وانفعالات اوقعه فيها ابوه العزيز ،في غير وعي ولا دراية بعواقب افعاله ،ومثال على ذلك : المؤاخذة المتواصلة في كل فرصة: { كسول ... بليد ...غشاش... كذاب لا تصلح لشيء...} الى ماذا يرمي الوالد من وراء ذلك يا ترى؟ أينتظر من ابنه ان يصبح ذكيا او حيا او صادقا في عشية وضحاها؟ كلا... لا قيمة لكل هذا ... بل قد تبرمج عقله ويعتقد نفسه حقا غشاش وكسول...ان مثل هذا الاب يفسد ما اصلحه المجتمع والمدرسة ...انه يقلق الطفل والمعلمين الذين يحاولون اصلاح توازن الطفل ، انه تناقض واضح يسببه الاباء ويظنون نفوسهم علي صواب ...علمتنا التجربة ان تصرفنا مع ابنائنا يشبه تصرف امهاتنا معنا يوم كنا صغارا ، مثلهن نوبخ ..مثلهن نؤنب ونتهم ونخلق الجو الذي بعث الشقاء في بيوتنا وجعلها كبيوت العنكبوت واشقي طفولتنا ...نستعمل نفس الكلمات الحارة والتعابير القاهرة التي حفظناها ...لا، لا يا سيدتى ...يجب علينا ان نتصرف مع ابنائنا على غير غرار تصرف امهاتنا...
من الادب واللياقة ان نتعلم كيف نتجنب السخط على الطفل كما نتعلم ان نتجنب الاحكام الظالمة ، والكلمات الجارحة والشتم ...لان الطفل يحكم على نفسه بالاجرام ويؤنبه ضميره ...ومن هنا يشقى الطفل والام معا.
لو استطاع الاباء السيطرة على اعصابهم امام المشاكل العويصة لتجنبوا اكثر العواقب الوخيمة .
مثلا: عندما يعود الطفل من المدرسة ويقول لابيه : اكره الاستاذ ، لانه طردني من الفصل ، لاننى كنت أتحدث ... ان التصرف المعتاد هو الضرب والشتم والاطاحة؟...الحقيقة ان هذا الطفل لجأ الى ابيه يلتمس منه الطمأنينة ؟ لكنه لم يجد الا ثلجا قارسا خيب اماله ...ومن الطبيعي ان يغضب منه؟ كان من واجب الاب ان يخفف عنه بقوله : لا بد انك خجلت امام زملائك ؟ اني اقدر موقفك وغضبك على استاذك ، اعرف ان نهارك كان صعبا من جراء هذه المعاملة السيئة ...
بهذه الطريقة قد يخفف الاب من انفعالات ابنه لانه كان في حاجة الى هذا التخفيف ...اذا كان هناك في المدرسة من يعتني باخلاق الطفل وسيرته ، فلا داعي لزيادة الماء في الطين ، بل نكتفي بالاهتمام بشعور الطفل واحساسه العاطفي . لقد لقي هذا الطفل عقابه في المدرسة فلماذا نزيد في عذابه ؟ ان الطفل على علم بوجهة نظر ابيه في غلطته حتى لو اخفاها عنه .
عندما يخطئ الطفل مع امه يجب ان تظهر له عدم رضاها عنه بطريقة لائقة ، مثلا:اني غاضبة او اني متألمة ... وكذلك اذا لاحظنا فوضى في البيت او وقاحة او تصرف مشين ، نشعره دون ان نحرج عواطفه فلا نقول له مثلا: انت مشؤوم ...لا تحتمل...بل نقول له : اني غاضبة ..لانك فعلت كذا ...يجب ان تكف عن تصرفاتك هذه ...وهكذا نعرف اطفالنا على شعورنا نحوهم لان اخفاءه يعد تحطيما لقواعد المحاورة الحقة .
ان ما نرمي اليه يتطلب اعادة النظر في طريقتنا في التربية . من واجبنا ان نتعلم هذا الاسلوب ونهتم به ونتخلص من العبارات السيئة التي تضر ولا تنفع .