وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ
ولم يسألوا إلا مُداواة َ دائِهِ
ولا عيب إلا عيبُ من يملك الغِنى
ويمنعُ أهلَ الفقرِ فضلَ ثرائهِ
عجِبتُ لعيب العائبينَ فقيرهَم
بأمرٍ قَضاهُ ربُّه من سمائه
وتركِهِمُ عيبَ الغنيِّ ببخله
ولؤمِ مساعيه وسُوءِ بلائه
وأعجَبُ منه المادحونَ أخا الغنى
وليس غِناهُ فيهمُ بغنَائِهِ
ولو أنه أغنَى ووَكَّل نفسه
بجمع فضول المالِ بعد اقتنائه
لَمَا كان أهلُ الحمد من قُربائه
إذا أْتَمروا رُشداً ولا بُعدائه
ولا حَمِدَ اللهُ الأولى يَحْمَدونه
ولا اعتدَّهم في الناس من أوليائه
أولئك أتباعُ المطامع والمنى
جزاهم مليكُ الناس شرَّ جزائه
يعيبهم أهل العفافِ ومدْحِهِمْ
حريصاً يكُدُّ النفسَ بعد اكتفائه
يؤثّل لا للحمدِ ما هو كاسبٌ
ولا الأجرِ في إصباحه ومسائه
ولكنْ لكنزٍ من لُجينٍ وعَسْجَدٍ
يودُّ فناءَ العُمر قبل فسائه
يقيه ويحميه بصفحه وجهه
ويجعل أيضاً عِرضَه من فدائه
ولو حُظَّ أضحى مالُه من أمامه
وِقاءً وأضحى عِرضُه من ورائه
ولكنْ أبى إلا الخَسَارَ لغَيِّهِ
وما فوق عَيْنَيْ قلبهِ من غطائه
ولو وَزنَ استمتاعَهُ بغَنائِهِ
إذاً ما وفَى استمتاعُهُ بعَنائه
سأمنحُهُ ذمِّي وأختصُّ حِزبَهُ
بأوفَى نصيب من قبيحِ ثنائه
رضيتُ لمن يشقى عقاباً شقاءه
وإن لم أكن أرضى له بشفائه
إذا حُرم الفاني من الخير حَظَّهُ
فَلِمْ يفرح الباقي بطول بقائه
ضَلالاً لمن يسعى إلى غير غاية ٍ
ولايرتجى ناهيهِ عند انتهائه